ترامب.. يقسم أميركا
السبت, 12 نوفمبر 2016 20:15

تلتقط أميركا أنفاسها على وقع ارتفاع قياسي في البورصة وبوادر عملية انتقالية سلسة وخطاب سياسي هادئ، بعد فوز دونالد ترامب المفاجئ في الانتخابات الرئاسية، فيما يواصل الرئيس المنتخب التحضير لتولي المهام العليا.

وبعدما ألقى خطابا اتسم بنبرة مصالحة ليلة فوزه في الانتخابات، أعطى ترامب خلال لقائه مع الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما الخميس إشارة قوية الى عزمه على الابتعاد عن نبرة المرشح الاستفزازية والعدائية لاتخاذ موقف رئاسي هادئ.وطوى الرجلان اللذان لم يلتقيا من قبل صفحة الحملة العنيفة والعدائية التي استمرت أشهر طويلة، ليشددا في المكتب البيضاوي على عزمهما على إنجاز عملية انتقال للسلطة سلسة وبدون مشكلات.

وقال رجل الأعمال الثري جالسا قرب أوباما في البيت الأبيض، وقد بدا وكأنه يشعر برهبة الموقع «انه لشرف عظيم سيدي الرئيس ان اكون معكم»، وهو الذي شن على مدى سنوات حملة شائعات للتشكيك في شرعية الرئيس مدعيا أنه لم يولد على الأراضي الأميركية.وبعد ساعات، أشاد على تويتر بـ»يوم رائع» في واشنطن وبـ»توافق جيد» مع الرئيس الديموقراطي.

من جهته، قال أوباما إنه أجرى «محادثات ممتازة» مع ترامب الذي أعلن خلال الحملة أنه يمثل خطرا على الديموقراطية الأميركية، وأضاف «نريد ان نبذل كل ما في وسعنا لمساعدتكم على النجاح».

ولم يسبق لرجل الاعمال الثري ان شغل اي منصب منتخب، وخاض وحيدا وسط خلافات مع حزبه نفسه حملة الانتخابات التمهيدية الجمهورية ثم حملة الانتخابات الرئاسية، وسيسعى الآن للفوز بدعم قادة الحزب الذي يسيطر على مجلسي الكونغرس.

وبعد خلافات داخلية عميقة في الحزب، يبدو أن فوزه الكاسح والزلزال السياسي الذي أحدثه بددا التحفظات التي أعرب عنها البعض منتقدين أسلوب وخطاب المرشح الذي ينعت باستمرار بالعداء للأجانب وتحقير النساء.

وفي مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، قال رئيس الحزب الجمهوري راينس بريباس الذي تفيد وسائل الاعلام بأنه قد يكون عضوا في إدارة ترامب المقبلة «آمل أن يكون الجميع رأى دونالد ترامب الرئاسي هذا، الذي كنا على يقين منذ البداية بأنه سيكون على مستوى المنصب».

وحطم انتصار ترامب الذي استند على غضب ناخبين شعروا بأنهم مهمشين من النخب ومهددين بوجه العولمة، آمال الديموقراطية هيلاري كلينتون بأن تصبح أول امرأة في سدة الرئاسة الأميركية، رغم إجماع استطلاعات الرأي على توقع فوزها.

غير أنه يهدد أيضا إرث باراك أوباما السياسي ولا سيما على صعيد الضمان الصحي والمناخ والتبادل الحر وغيرها من المواضيع.

رفض شعبي

ميدانياً، نزل آلاف المتظاهرين الى الشوارع في عدة مدن اميركية لليلة الثانية على التوالي ضمن احتجاجات في مختلف انحاء البلاد على فوز ترامب بالرئاسة.

وتظاهر حوالى 300 شخص في بالتيمور على الساحل الشرقي مرددين «ليس رئيسي!» وحملوا لافتات كتب عليها «لم انتخب الحقد رئيسا».

ونظمت تظاهرات ايضا في نيويورك وشيكاغو ودنفر ودالاس واوكلاند ومدن اخرى ايضا في الولايات المتحدة.

وقالت الطالبة كايلا فيلو (21 عاما) لصحيفة «بالتيمور صان»، «نحن نثبت ان هذا الامر سيستمر للسنوات الاربع المقبلة. ستكون اربع سنوات من المقاومة» مضيفة ان صفحتها على فيسبوك بدأت تجتذب الالاف.

وعلق ترامب على التظاهرات قائلا في تغريدة «لقد اجريت للتو انتخابات رئاسية مفتوحة وناجحة. الان نزل متظاهرون محترفون للاحتجاج بتحريض من وسائل الاعلام.. هذا ظلم».

في بورتلاند قالت الشرطة ان تجمعا تحول الى اعمال شغب بسبب ما وصفوه بانه «سوك اجرامي وخطير» في اشارة الى قيام متظاهرين بتحطيم واجهات المباني.

وفي سان فرانسيسكو (غرب) نزل حوالى الف من الطلاب وساروا من حي المال نحو مقر البلدية مرددين «هذا ليس رئيسنا».

وقالت باميلا كامبوس (18 عاما) لصحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكل»، «نتظاهر لاننا نريد الدفاع عن حقوقنا ونستحق بان يتم الاستماع الينا».

واضافت «دونالد ترامب ليس سوى رجل عنصري.. انه يهاجم كل المهاجرين وكل المسلمين.. لقد رأيت كل رفاقي في الصف بالامس يبكون».

وفي لوس انجليس سار مئات الطلاب في حرم جامعة كاليفورنيا حاملين يافطات كتب عليها «تخلوا عن ترامب».

ورحب رئيس بلدية لوس انجليس اريك غارسيتي بهذه التظاهرات داعيا في الوقت نفسه المتظاهرين الى عدم القيام بعمليات تخريب.

مخاوف اقتصادية

من جهتها، استبعدت مفوضة التجارة بالاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم أمس إجراء مباحثات جديدة مع الولايات المتحدة بشأن اتفاقية الشراكة عبر الأطلسي للتجارة والاستثمار بعد أيام من فوز دونالد ترامب بشكل مفاجئ بانتخابات الرئاسة الأمريكية.

وقالت قبل اجتماع لوزراء التجارة بالاتحاد الأوروبي «مع وجود رئيس أمريكي جديد منتخب، لا نعرف في الحقيقة ما الذي سوف يحدث».

ويتفاوض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن اتفاقية الشراكة عبر الأطلسي للتجارة والاستثمار منذ أكثر من ثلاث سنوات، حيث يقول المؤيدون إن الاتفاقية ستعزز معدلات النمو وفرص العمل للجانبين، فيما يخشى المعارضون للاتفاقية من أنها سوف تخدم مصالح الشركات الكبرى على حساب المستهلكين والموظفين المحليين.

وأضافت مالمستروم «اعتقد أن هناك أسباب قوية للاعتقاد أنه سيكون هناك تجميد لاتفاقية الشراكة عبر الأطلسي للتجارة والاستثمار، لأنها لن تكون على رأس أولويات الإدارة الجديدة».

وارتفع سعر الدولار امام العملات ذات المردود العالي وسجلت الاسواق الاسيوية الناشئة تراجعا مع توقع ارتفاع معدلات الفائدة الاميركية ومراهنة المتعاملين على ارتفاع التضخم مع سياسات الانفاق الكبيرة التي يعتزم دونالد ترامب انتهاجها.

ورغم اغلاق بورصة وول ستريت على ارتفاع كبير، التزم المستثمرون في اسواق آسيا الحذر بشأن الشكوك التي تحيط برئاسة ترامب في حين تراجع البيزو المكسيكي الى ادنى مستوى بسبب مخاوف من مواقف الرئيس المنتخب المعادية للمكسيك.