صحيفة أمريكية تحذر من اختفاء مدينة نواكشوط
الاثنين, 25 أغسطس 2014 07:40

altأوردت صحيفة المونيتور الأمريكية تقريرا خاصا عن العاصمة الموريتانية نواكشوط، جاء فيه ان "أول اجتماع لحكومة موريتانية انعقد في هذه المدينة (القرية) تحت الانتداب الفرنسي يوم 12 يوليو 1957، وفي سنة 1958 وضع الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه الحجر الأساس لهذه المدينة معلنا إياها عاصمة لبلاده، وهو ذات الحفل الذي حضره الرئيس الفرنسي شارل ديغول مباركا تحول العاصمة الموريتانية من سان الويس السينغالية إلى نواكشوط.

 ولم يكن سكان نواكشوط يزيدون حينها على المئات. ولم يكن بالمدينة المولودة للتو أي مرفق عصري، بل كانت مجرد قرية على شاطئ المحيط، مناخها صحراوي وليس بها ماء شروب.وفي مذكراته، قال الرئيس الأسبق المختار ولد داداه ان أسباب اختيار نواكشوط عاصمة للبلاد تعود إلى عدم توفر مكان كافي وملائم داخل البلاد، فتم اختيار نواكشوط رغم المسافة الشاسعة التي تفصلها عن مناطق الشرق والشمال، إلا أنها كانت تشكل مشروع ميناء مهم لتواصل موريتانيا مع الخارج خاصة على المستوى الاقتصادي، كما أنها لا تبعد إلا 200 كلم من النهر. وبلغ سكان نواكشوط سنة 1975 قرابة 20 ألف نسمة، وتعرضت موريتانيا لجفاف كبير في نهاية الستينات وبداية السبعينات ورحل آلاف البداة وسكان الحواضر إلى العاصمة ليصل عدد سكانها 130 ألف نسمة. وفي ظرف عشر سنوات بلغ عدد السكان نصف مليون نسمة حسب المكتب الوطني للإحصاء، وواصلت المدينة رحلتها نحو البؤس غير عابئة بشروط التمدن ولوازم العصرنة ومخططات المدن الكبيرة، فتزايد مستوى الفقر خاصة مع حرب الصحراء سنة 1975 والانقلاب العسكري سنة 1978. وتختصر مدينة نواكشوط واقع موريتانيا إذ يعيش 46% من سكانها تحت عتبة الفقر، بينما توجد أقلية مترفة في حي تفرغ زينه بشمال العاصمة. ولا توجد في العاصمة ساحات عمومية ولا ساحات للترفيه والراحة ولا مواقع ثقافية ولا دور سينما رغم أنها عرفت في عهد الحكم المدني 14 قاعة للعرض السينمائي. ويرى كثيرون ان الاهتمام بالثقافة والتربية تراجع كثيرا بعد انقلاب 1978 وتحكم الجيش في السلطة. وتعكس المدينة الفروق الاجتماعية والاقتصادية الشاسعة بين مكوناتها، ويمكن بالعين المجرد رؤية مظاهر العنصرية والتفاوت بين سكان نواكشوط، فعندما تسافر من مقاطعات الشمال (داخل العاصمة) إلى مقاطعات الجنوب تكون كأنك تسافر من بلد إلى بلد آخر، ففي هذه المقاطعات الجنوبية توجد غالبية عظمى من السود، فيما يصبح العرب كما لو أن وجودهم معدوما تماما. وكانت موريتانيا قد عرفت سنة 1989 أعمال عنف دامية بين العرب والزنوج. ويمكن أن نرى التفاوت أيضا على مستوى المدارس؛ فالمدارس العمومية لم تعد تحتضن غير السود وأما العرب فيسجلون أبناءهم في المدارس الخاصة بسبب ضعف مستوى التعليم العام. إنه وضع مثير للقلق لأن أجيالا من نفس الوطن سيكبرون وليس بينهم أي اتصال. إنه مؤشر على عوائق أخرى أمام التعايش الوطني مستقبلا في هذه البلاد. غير أن كل ما ذكرنا آنفا لا يشكل أهم مشاكل نواكشوط، فالمشكل الكبير يتمثل في ناقوس خطر الغرق الذي تدقه الدراسات البيئية الجديدة بين الفينة والأخرى وبشكل متكرر حيث تؤكد كلها ان العاصمة بأكملها ستغرق في ظرف 20 سنة على الأكثر. وزاد من جدية هذا التنبؤ الفظيع ما جاء في الدراسة التي نشرها المركز الجهوي للاستشعار عن بعد بإفريقيا الشمالية الذي قام بتحريات علمية عن تهديدات المحيط الأطلسي لمدينة نواكشوط وبعض المدن والقرى الموريتانية غير البعيدة من المحيط. كما أكد البنك الدولي في دراسة له أن نواكشوط تعد من بين 10 مدن في العالم مهددة بالارتفاع الحراري للمناخ وبالتالي ارتفاع منسوب مياه المحيط مما يهددها بغرق وشيك. وتعد اليوم بعض أحياء نواكشوط شاهدا حقيقيا على قرب هذه الكارثة إذ أصبحت المياه تنفجر من داخل أرضيتها، ويضاعف ذلك سوء أو انعدام الصرف الصحي مما يجعل مياه الأمطار عاملا مساعدا على غرق المدينة إذا ما ارتفع منسوب البحر بفعل ارتفاع الحرارة المتزايد". يذكر أن الدراسة التي أعدها المركز الجهوي للاستشعار عن بعد بدول شمال إفريقيا شاركت فيها إدارة التوبوغرافيا والخرائط الموريتانية، والمركز الملكي للاستشعار البعدي الفضائي المغربي، والمركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد التونسي، والهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء المصري، باعتبارها هيئات أعضاء في المركز الجهوي الشمال إفريقي الآنف الذكر. أما صحيفة المونيتور التي أعدت هذا التقرير فتصدر في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي مهتمة بالقضايا الاستراتيجية الشرق أوسطية والعربية، وتعتبر مصدرا موثوقا لدى ارويترز وول ستريت جورنال ولو موند ونيويوك تايمز وغيرها من كبريات الصحف العالمية.