من تاريخ الخيل في موريتانيا - سيدي أحمد ولد الأمير/ باحث موريتاني مقيم في قطر
الأربعاء, 17 ديسمبر 2014 23:39

كانت عتاق الخيل في موريتانيا مصدرا للفخر ورمزا للقوة وتجسيدا للسلطة، كانت تعدو في سهول الحوض وتيرس ضَبحا، وتوري بسنابكها حجارة أودية آدرار وتگانت والعصابة قَدْحا، وتغير في مرابع البراكنة والترارزة وفوتا صُبْحا، وتثير هنا وهناك وهنالك نقعا. كانت عناية الموريتانيين بخيولهم كبيرةً وكان مُلاكُ الخيل إذا حل يوم 29 سبتمبر من كل سنة يفصلون لجام الفرس، وهو الحديدةُ تُوضع في فم الحصان، يفصلونه عن القماط الرأسي وعن حزام الحنجرة الجلدييْن، ولا يلجم الفرس حتى نهاية شهر أكتوبر، وهي فترة نقاهة لا بد للخيل منها حتى لا ترهق أبدانها وتزهق أرواحها.

وكانوا يسقون خيلهم لبن الإبل بشكل خاص، ويحلونه أحيانا، لأنه يخفف وزنها ويُدر أبوالها وينقي دمها. وكانوا يختارون لغذائها بعض أنواع الدخن مثل: مُتْري (الدخن الصغير وهو "Browntop Millet" بالإنجليزية، ومن أنوع الذرة يختارون الرُّحَيَّة (دخن الإصبع، كما يسمى "Finger Millet"). كل ذلك من حرصهم عليها. ومنذ عهود قديمة صار الفرس في موريتانيا أبرز عنصر في الحياة العسكرية، وأهم أداة لتحقيق النصر في الحرب، لذلك جاء ذكره كثيرا في النصوص التاريخية وارتبط أكثر من غيره من الحيوانات بالأدب الملحمي "التهيدين". كما أخذ الحصان مكانته في الثقافة المحلية عموما مرتبطا بقيم الفروسية والنبل، وصار امتلاكه تجسيدا لتلك القيم. إلا أنه ومع دخول الاستعمار الفرنسي لبلادنا تراجع حضور الحصان في الحياة الاجتماعية، بل وقلت أعداده بشكل لافت. وآخر إحصاء اطلعت عليه متعلقٍ بعدد الخيل في موريتانيا يعود إلى سنة 1977 ويذكر أن عددها 16 ألف رأس، وكنا حينها في المرتبة التاسعة عشرة في إفريقيا من حيث تعداد الخيل.