الاستطلاع - يتفق جميع الموريتانيين على أن بلدهم يعيش حاليا ظروفا استثنائية لم يعرفها منذ نشئة الدولة وحتى اي بلد من المعمورة لم يمر بهذه الظروف حسب اعتقاد الكثيرين .
فالارتفاع المذهل للاسعار وغياب الرقابة ( او الردع الحكومي للتجار ) وانعدام السيولة ، و فشل البرامج الانمائية إن وجدت ، و فساد التعليم ، و الصحة ، وانتشار الفقر والبطالة و انفلات الامن ، و التمادي في ظاهرة اختلاس المال العام ، و الارتجالية في التسيير ، الى جانب امراض المحسوبية و الجهوية والقبلية و التهميش ، كل هذه وغيرها من العوامل المأساوية الخطيرة التي افشلت برامج الاصلاح و زرعت اليأس و العجز عن بناء بلد متحضر ، تسوده العدالة الاجتماعية وينعم اهله بالرخاء و يشعرون بالوطنية و بواجب الدفاع عن ارضهم بشتى الوسائل .
لقد عرفت كل برامج الاصلاح في موريتانيا فشلا ذريعا حسب ما يراه المراقبون العاديون ، ناهيك عن ما ينشره الاعلام الرسمي من تطبيل و اكاذيب و قال وقيل .
لقد تضاعفت ظاهرة الهجرة عن البلد خصوصا في الوسط الشبابي بحثا عن لقمة عيش و عن حياة افضل في الخارج تنسيهم سوء المعانات التي عاشوها في بلدهم ، وصارت احلام الباقين منهم هي الالتحاق بهم و
مغادرة البلد في اسرع وقت .
إن السياسات المتبعة حاليا لا تبشر بخير مادام الوضع على هذا الحال ومادامت صفوف المواطنين تمتد عبر الشوارع في انتظار الحصول على ما يعرف ب ( حوت عزيز ) وامام حوانيت امل من اجل شراء كيلوغرامات قليلة من الارز الفاسد ، او السكر الرديء ، او نصف لتر من زيت الطهي المنتهي الصلاحية ، او امام وكالات تحويل الاموال للحصول على مبالغ لا تسمن ولا تغني قادمة من مفوضية ( تآزر ) التي يعتبر ضرها اكبر من نفعها حسب ما يقوله المواطن .
فلماذا لا تقوم الدولة بتوجيه اموالها هذه لدعم الاسعار حتى تكون في متناول الجميع ، فكيف يعقل ان تكون ظروف مواطني بلد يبلغ تعداد سكانه 4 ملايين نسمة فقط ، و يمتلك معادن الذهب والحديد والنحاس والفوسفات ، وثروات السمك و الغاز والبترول و الزراعة و الثروة الحيوانية وغير ذالك افضل منه حال مواطني السنغال على سبيل المثال ، الذي يبلغ عدد سكانه اكثر من 16 مليون نسمة و لا يمتلك من الثروات سوى الفول السوداني وحده ، أو مواطني دولة مالي الذين زادوا على 20 مليون نسمة و هي لا تمتلك اية ثروات او معادن .
لقد تجاوز هذا الواقع المزري الحد ، وطال امد هذا الفساد وسوء التسيير و اهانة المواطنين ، واتباع السياسات والخطط التي لن ولن تزيد الطين إلا بلة .