قيل، في عنعنة مملة، إن وزير المياه قال إن كثرة شرب الماء تؤدي إلى الإصابة بمرض يدعى البلغم، وأنه، بعدم إيجاد حل عاجل لنقص الماء، إنما يشفق علينا من هذا المرض اللعين. فلا تعتبوا عليه: إنه يحبنا لدرجة الشجن والجوى واللوعة. شخصيا، سأتركه وحرقته وصباباته، لأهتم بالفقيد المسكين.
والحقيقة أنني لو كنت أديبا كاتبا، عضوا في اتحاد الأدباء والكتاب، لقلت قصيدة رائعة ومروعة في رثاء الماء. ولو كنت مستشارا في الرئاسة لاقترحت، قبل دفن الماء، تكريم نعشه بميدالية فارس في الاستحقاق الوطني لما قدم من خدمات جليلة لسكان نواكشوط قبل أن يختطفه الموت. ولو كنت فقيها لأصدرت فتوى بلزوم الصلاة عليه وغسله بريح السَّموم ودفنه بفيفاء آوكار في ضريح مُوَشّى بالذهب. ولو كنت طبيبا لشرَّحت جثته وأصدرت تقريرا مفصلا يتضمن ما أودى بحياته من كدمات وكسور جراء سياسات وزراء المياه ومدراء الشركة الوطنية للماء. غير أنه يؤسفني أنني لا أنا بالأديب الكاتب، ولا أنا بالمستشار، ولست بفقيه ولا طبيب، وإنما مجرد مواطن يغتاله العطش بين بحيرة جوفية عميقة، ومحيط عريض، ونهر طويل ، وفي بلد يمتلك قدرات اقتصادية هائلة 1132 مليار اوقية قديمة ، لكنها للاسف منهوبة .